عن الفيول المَغشوش. الكلّ إمّ الصّبي ووكيل دِفاع عَنا نحن المغشوشين. المتَّهِم مَعَنا والمتَّهَم مَعَنا. ما يحدث أشبَه بِمباراة غير ودّية بين حزبَين مسيحيين لِتَسطير مذكَّرَة إحضار بحق مجرِمين لَن يحضروا. كَلامٌ كَلامٌ عَلى ما كانَت تغنّيه المطرِبَة الرّاحِلة داليدا.
كلماتٌ عَلى شَكلِ حَصى يرميها الناطِقون باسمِنا تُحدِثُ دَوائِر على سطحِ بحيرَةِ المعاناة قبلَ أن تستَعيدَ البُحَيرَةُ بعدَ برهَة سُكونَها المُحبِط.
في المُقابِل عَودَة مَيمونَة ولَو بعدَ حين لأكاديميَّة الإنسان للحِوار والتّلاقي. بالطّبع مبادَرَة في غايَة الأهميَّة. إنما كَمن يُطعِم الجائِع كِتاباً بَدل أن يمدّه بِرَغيف.الجائَع لا يَحتاج إلى تَمرين قراءَة. يَحتاج إلى وَجبَة. صلاة مسيحيّة إسلاميَّة مشترَكَة على ما سَمِعنا في 14 أيار الجاري ستحدِثُ شيئاً من تخمَة نفسيَّة. قليلٌ مِن الخبز يُحيي أيضاً إمعاءَ الإنسان. ربّما على القادَة الروحيين في لبنان أن يصلّوا أقل من المعتاد.
أن يسدّوا رمَق الجِياع أكثَر من المعتاد. مَع الإمتنان لِمَرتا أذا سَمِعَت.الحَدَث الخارِق الذي يَجعَل مِن لبنان دولَة مَمسوسَة منفوشَة الشّعر داخِل صالون تَجميل هوَ إستِمرار وزارَة المهجّرين بِتَقييم مأساة المهجّرين.
أموال بالمليارات نُهِبَت في صندوق المهجّرين بتوصيَة من الوزارة المعنيَّة عل مَدى عقود. كان الأجدى إسترجاع الأموال المنهوبَة في هذه الوزارَة عَلى مَدى ثلاثين سنة عِوَضاً عن الإستمرار بدفع مستحقّات وإن كانَت منصفَة.
كلّ ذلك طَبعاً مقابِل عَودَة ويك أند تمّ السَماح لمَركَبات المِفرِد والمجوِز بالتّجوال في قرى مقفرة. بون ويك أند.القِطاع السياحي في حالَة ويك أند أيضاً. رزق الله عَلى نارَة يا وَلَد. غداً تتحوّل المَطاعِم إلى متاحِف. فنادِق قبرص التركيَّة وهيروشيما سَتكون مأهولَة أكثَر مِن مطاعِمنا ومقاهينا.
لِقاء تأبيني جمَع رئيس الجمهوريَّة مَع وزير السياحَة لِتخريج جَنازَة لائِقَة. دمج المَطاعِم على شاكِلَة أعجوبَة دَمج المَصارِف ربّما سَتكون طَبقاً رئيساً على مائِدَة الدّفن اللائِق. مرحَمَة على رأس الميت: حمّيضَة وفَرفحين مِن أحواضِ الشّرفات الحَزينَة.
ستَكون رائِحَة مكبّ برج حمّود أقوى من رائِحَة نَتَنِ الآتي مِن الأيام. إن لَم يُوَفَّق المجرِمون في توسِعَتِه سيفتّشون عن مكبّ آخَر. ربّما نَصحو ذاتَ يَوم على حديقَة عامَّة تتحوّل إلى مكبّ. الحَدائِق العامَّة أصلاً لا يزورها الأطفال. تسرَح فيها الجرذان والقِطط والكِلاب الشارِدَة. مكبّ الصنايِع أو مار نقولا أو أي حَديقَة عامَّة لا فَرق.
المهمّ تَحويل الوطن من وطن كفاءات إلى وطن نِفايات. سنكون على مَوعِد مَع الذّباب الأزرق هذا الصيف إضافَة إلى كورونا.طبعاً وزير الداخليَّة يُعِدّ عَلى ما صرَّح كلّ السيناريوهات المحتملَة للتحرّكات الجَماهيريَّة. مواكَبَة لطيفة للمظاهرات السلمية. عصي ومسيّلات دموع للشّغَب. صارَ الوَجَع بِحاجَة إلى أذونات.
هل أعدَّت الوزارَة سيناريو للتعاطي مع ثورة الجياع؟ إذا قّرّر الجائِع محاصَرة السياسي في بيتِه تَمهيداً لأكلِ لحمِه الحيّ تَرى أي سيناريو سيتّم تطبيقه؟ هَل يوكَل إلى رِجال قوى الأمن مهمّة قَمع الجائِع وحِمايَة السارِق؟ سيناريو ربّما توقّعه الوزير. أن يتقاسَم الدّرَكي والجائِع لحمَ السياسي.
أقوى سيناريو.بانتِظار الفَرَج يؤكِّد الخبراء أن الخِطَّة الإقتصاديَة الإنقاذيَة ستضعنا أمام سَنوات صَعبَة. سَنوات. لَم يستَوعِب اللبنانيون حتّى الآن ماذا ينتظرهم. سَنوات سينسونَ فيها أنهم سافَروا يَوماً وتسوّقوا يَوماً وادّخروا يَوماً.
سَتكون حياتهم من الآن وصاعِداً حياة صراع بقاء. نحنَ أمام خمس أو عَشر سَنوات من الطّحين. يمكننا أن نخبز منه ما نشاء. سِعر كيلو اللحم يَكاد يضاهي أسعار ” الفوبيجو “.
غداً ربّما أسعار المجوهَرات.ستَكون البيوت اللبنانيَة مزنّرَة بالبؤس ومظلِمَة كالخَوف من المَجهول. أسوأ ما يمكن تصوّره في هذه المرحلَة أن نسمَع فلاناً مع العَهد وفلاناً ضدّه.
العَهد الوَحيد المتبقّي لَنا هو ذاك الذي يجب أن يقطعه أولادِنا لَنا بعدَم إقترافِهم الهَزائِم التي وقّعناها بِدَمِنا. خَطايا أتت بِطغمَة نقيم لَها الشعائِر كالبلهاء ونقدّم لَها الذبائِح مِن لَحمِنا الحَيّ.
روني ألفا- ليبانون ديبايت