كانت معبّرة بالأمس الرسائل التي أطلقها البابا فرنسيس من أرض العراق الجريح والمنهك من “حروب الآخرين”، ساعياً من خلالها إلى بلسمة جروح العراقيين بعد سنوات من العنف الدموي، وترسيخ ما تبقّى من وجود مسيحي على الرغم من كلّ الإضطهادات والمآسي والصعاب.
وأثار نداؤه من بغداد اهتمام جميع الذين يُتابعون زيارته التاريخية إلى “بلاد الرافدين”، بحيث قال: “لتصمت الأسلحة! ولنضع حدّاً لانتشارها هنا وفي كلّ مكان! ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحلّيين. ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام”. واعتبر مراقبون أنّ كلمة البابا موجّهة إلى من يسعون، في الداخل والخارج، لتحويل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية وورقة تفاوض في يد قوى خارجية تُريد تحسين شروطها التفاوضية على حساب أمن العراقيين وسلامهم.
وفيما أدّت سنوات من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1.5 مليون في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم، شدّد البابا في كلمته أمام الرئيس العراقي برهم صالح على أنّ “وجود المسيحيين العريق في هذه الأرض وإسهامهم في حياة البلد يُشكّلان إرثاً غنياً”، وهو ما رأى فيه المراقبون رسالة بابوية تحضّ المسؤولين العراقيين على اعتماد مقاربات وقوانين ونهج سياسي أكثر ديموقراطيّة، تستطيع من خلاله الأقليات الدينية والعرقية المشاركة في الحياة السياسية، إذ إنّه “مِنَ الضَّروري أن نضمنَ مشاركةَ جميع الفئات السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة، وأنْ نُؤمِّنَ الحقوقَ الأساسيَّة لجميعِ المُواطنين. ويَجبُ ألّا يُعتبر أحدٌ مُواطناً مِنَ الدرجةِ الثانية”، بحسب الحبر الأعظم.