خرقت الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، مشهد التوتر الحاد الذي كان سائداً على محور قصر بعبدا ـ المختارة، انطلاقاً من الخلاف الحاد بينه وبين “التيار الوطني الحر” منذ الصيف الماضي إثر لقاء قصر بيت الدين.
وتقول مصادر نيابية مواكبة، أن الهدف الأساسي من هذه الزيارة، هو السعي إلى تهدئة الأجواء المتشنّجة بين الطرفين قبيل اللقاء المرتقب يوم غد الأربعاء، ولا سيما في ظل ما سُجّل في الجبل من تداعيات ميدانية لكل الحملات والسجالات التي دارت في الآونة الأخيرة وبين “التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الإشتراكي.واللافت في زيارة الأمس،
بحسب المصادر المواكبة نفسها، أنها تهدف إلى تطويق السيناريو الذي كان يسجّل على أرض الواقع، والذي كان يركّز على التحريض وإثارة النعرات الطائفية من خلال “نبش” دفاتر الماضي واستحضار شبح الحرب الأهلية، في لحظة وصل فيها التوتر الشعبي في كل المناطق، وليس فقط في الجبل، إلى مرحلة ما قبل الإنفجار نتيجة الوضع الإقتصادي والإجتماعي المتدهور.
ومن هنا، فإن زعيم المختارة الذي استشعر هذا الجو الخطير المسيطر على الجبل، أراد أن يخطو خطوة إلى الأمام باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون من أجل قطع الطريق على الذين يقفون وراء هذا المخطّط الفتنوي، والذي كانت إحدى فصوله تسريبات في بعض الإذاعات المناطقية التي أشعلت الأجواء، ولكن بقيت من دون أي ردّ إنفعالي، وذلك بناء على قرار صارم من قبل قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي بعدم الإنجرار وراء الفتنة والإنفعال من جديد.
وفي موازاة هذا القرار، فتح جنبلاط قنوات التواصل مع كل الأطراف في الجبل، التي أكدت له حرصها على المصالحة، وعلى متانة وتماسك العلاقة بين بكركي والمختارة وغالبية القوى المسيحية، وفي الوقت نفسه، فهي أدانت كل الممارسات التي حصلت، ودعت إلى تخطّيها وإلى شجبها، خصوصاً من قبل بكركي، وذلك للحؤول دون العودة إلى فتح صفحة قد طواها المسيحيون وأهل الجبل سوياً منذ عشرات السنين.
وفي هذا المجال، كشفت المصادر المواكبة نفسها، أن الوقت لا يسمح بأن يتلهّى البعض بإثارة النعرات الطائفية من أجل تحقيق مصالح ضيقة وصغيرة، واستغلال الإستقرار في مناطق الجبل من أجل تحقيق غايات حزبية آنية، وتتّصل بمصالح مالية واقتصادية لبعض الأطراف السياسية،
علماً أن هذا الأمر قد بات مكشوفاً أمام الجميع، وأن عملية إحباطه قد بدأت من قبل أهالي الجبل أنفسهم، والذين يرفضون كل تصعيد مهما كان نوعه، لا سيما وأنهم كانوا يستشعرون دوماً بالسهام الموجّهة ضدهم عند كل استحقاق سياسي وغير سياسي.
وخلصت المصادر المواكبة ذاتها، إلى التأكيد بأن المبادرة الجنبلاطية بالأمس، قد أتت على أثر تعليمات واضحة لكل المسؤولين في الإشتراكي، توصي بعدم الدخول في أي مساجلات، بل على العكس السعي إلى “ضبضبة” الأمور في الكواليس، وصولاً إلى إعادة فتح صفحة جديدة من خلال المصارحة وتنظيم الخلاف مع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
فادي عيد- ليبانون ديبايت