هل بإمكان ميقاتي أن يحقّق ما عجز عنه الحريري؟

“ليبانون ديبايت” – بولس عيسى

من أصعب المهمات في الحياة، قول الحقيقة الصعبة لشخص بنى آمالاً على كذبة واهية للخروج من مأزقه، ولكن بما أن رئيسنا المؤسّس أوكلنا بقول الحقيقة مهما كانت صعبة، علينا مواجهة الناس اليوم بالحقيقة المرّة في أننا لم نعبر من مرحلة سياسية إلى أخرى مع تكليف الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي البارحة، كما علينا قول الحقيقة في أننا لم نتخطَ الأزمة السياسية التي كنا نتخبّط فيها في فترة تكليف الرئيس سعد الحريري، جلّ ما في الأمر هو أنه تم تغيير أوجه الأزمة وأقطابها، لا أكثر ولا أقلّ.

وفي هذا الإطار، أوضحت أوساط سياسية، أن الأكثريّة الحاكمة حاولت اللعب على وتر إقناع الناس بأن الأزمة السياسية أصبحت وراءنا من خلال اللعب بسعر صرف الدولار في السوق السوداء، إلاّ أنه وللأسف الأمور ليست ذاهبة نحو الإنفراج، فمقوّمات الأزمة السياسية لا تزال موجودة وواضحة، لا تزال مطالب “التيار الوطني الحر” في مسألة تأليف الحكومة هي هي، ولا يزال الرئيس المكلّف يرفضها رفضاً قاطعاً، وكل ما تغيّر هو إسم الرئيس المكلّف لا أكثر ولا أقلّ، وأسلوبه في تدوير الزوايا.

واعتبرت الأوساط، أن ما تغيّر هو وجهة “حزب الله” في الكباش، وهذا أمر يعقّد الأزمة السياسية لا يحلّها، فمن رئيس مكلّف لم يسمّه الحزب إلى آخر سمّته كتلته، فهل هذا يعني أن العقد والمطالب المرفوضة من قبل نادي رؤساء الحكومات السابقين وليس الرئيس الحريري فقط ستُقبل أم أنها ستُرفض بشكل أكبر؟

وتساءلت الأوساط، عما إذا سيكون بإمكان “حزب الله” الضغط على العهد من أجل التنازل لميقاتي، الأمر الذي لم يتمكن من النجاح بالقيام به مع الحريري؟ هل هناك من يقتنع أساساً أن الحزب أصبح بموقف أفضل الآن؟ كان ممسكاً العصا من وسطها، اليوم أصبح مجبراً، بعد تسميته ميقاتي، ألا يمسكها من الوسط، وإنما من نقطة تميل قليلاً لمرشحه الرسمي لتأليف الحكومة، في حين أن أي دعم للرئيس المكلّف ستواجهه هستيريا غير مضبوطة المعالم من قبل فريق العهد، وبالتالي، هل الحزب في وارد تعريض حلفه مع “التيار الوطني الحر” إلى هزّة كبيرة بعد كل ما شهده من هزّات استدعت الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، أن يطل علانيّة ويتكلّم بالموضوع على الملأ؟

ورأت الأوساط أن ميقاتي حقّق كامل النقاط في مسألة التأليف، فقد ضغط على الحزب لتسميته مهدّداً بالإعتذار الفوري، ورفض الدخول في أي كلام عن شكل الحكومة والحقائب فيها قبل التكليف، إلا أنه من ناحية العهد، فمسألة تكليف ميقاتي برمّتها لم يهضمها “التيار الوطني” لأنه يعتبر أن “حزب الله” قام بطبخة التكليف مع حركة “أمل” والرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط وأبلغوه بها، فأكلها على مضض محاولاً اللعب على وتر تسمية السفير نواف سلام أو النائب فيصل كرامي.

وفسّرت الأوساط سبب ركون “التيار” إلى عدم تسمية أحد في الإستشارات النيابية، عازية السبب إلى أمرين، الأول رفض سلام أن تتم تسميته من قبل “التيار الوطني”، وهذا الأمر واضح تماماً باعتبار أنه لطالما كانت تتم تسميته من قبل أحد الأفرقاء في الإستشارات السابقة إلا أنه عندما عزم “التيار” تسميته، سرّب أنه غير معني أو مرشّح لتولي هذه المهمّة. والأمر الثاني هو أن “التيار” لا يريد القطيعة النهائية مع “حزب الله” فتسمية سلام المرفوض كلياً من قبل الضاحية ستؤدي في أحسن الأحوال إلى قطيعة كبيرة ما بين الحليفين، وبما أن القاعدة التي يتصرّف بها سياسياً “التيار” هي اقتصادية ومبنيّة على العرض والطلب، ليس من مصلحته أن تسوء علاقته مع أفضل الشارين عنده وهو “حزب الله”.

بناءً على كل ما تقدّم يبدو أننا جلّ ما نحن مقبلين عليه هو استكمال للأزمة السياسية السابقة ولكن بنسخة جديدة “Soft أكثر”.