هذا الأمر، وبحسب معلومات «الجمهورية»، أعاد التأكيد عليه مسؤول كبير امام عدد من الوزراء، حيث قال: «معلوم انّ انهيار اقتصاد لبنان لم يعد فرضيّة، بل صار واقعاً ملموساً، والحكومة قالت انّها وضعت الخطة الإنقاذية من اجل تجنيب البلد سيناريوهات كارثية، ونحن نشاطرها هذا الرأي حول السيناريوهات الكارثية، مع التأكيد انّ لدينا سلسلة ملاحظات على الخطة ستُطرح في الوقت المناسب، وخصوصاً خلال نقاش الامور المرتبطة بها في مجلس النواب».
اضاف: «امام هذا الواقع انا اجزم انّ الحكومة لا تستطيع ان تجيب عن السؤال المصيري الذي يطرحه كل لبناني: الى متى يمكن للمواطن ان يصمد بعد؟ ومن هنا لا يكفي تطمين المواطن بالكلمات، بل بالخطوات التي ينبغي ان تصاحب مهمة المفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي وتحصّنها بعيداً من مزايدات اللعبة السياسية، التي مع الأسف أُديرت على مدى سنوات طويلة بأسوأ الالعاب الصبيانية».
واكّد المسؤول الكبير، «انّه على رغم المستوى الذي بلغناه من الانهيار، فإنّ فرصة إعادة الانتعاش ما زالت ممكنة ومتاحة، وامام الحكومة سلّة مبادرات علاجية ينبغي ان تسارع اليها، ولعلّ اولاها السعي فوراً الى بناء التوافقات السياسية اللازمة على البديهيات الاصلاحية، التي من شأنها ان تُفرج عن اموال، او بالاحرى قروض صندوق النقد، وبعده «سيدر».
والأهم من كل ذلك، يضيف المسؤول نفسه، «انّ هذه البديهيات، تعيد للبنان بعض ماء وجهه، الذي فُقد مع انعدام ثقة المجتمع الدولي به، بفعل الشوائب والموبقات التي كانت تُرتكب على كل الصعد، واهمها استباحة القروض والمساعدات الخارجية وابتلاعها وتوزيعها على المحظيين والمحاسيب. ولطالما تلقّى لبنان على مدى السنين الماضية «رسائل توبيخ» من مستويات دولية متعدّدة، تعبّر عن الامتعاض الشديد من انّ المساعدات التي تقدّمها تلك الدول، كانت تذهب الى جيوب بعض المسؤولين وانصارهم».
شروط قاسية
الى ذلك، قال مصدر ديبلوماسي غربي لـ»الجمهورية: «انّ على لبنان ان يحسّن ادارة مفاوضاته مع صندوق النقد، لكي يحقق نتائج سريعة، ذلك انّ الصندوق ليس متفرّغاً بالكامل للبنان، ولن يمنحه كل وقته، فهناك عشرات من الدول المتعسّرة تنتظر».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان المجتمع الدولي بصدد تقديم مساعدات للبنان، اوضح المصدر «انّ المجتمع الدولي يعيش اليوم قلق ازمة «كورونا» وآثارها السلبية على اقتصادات العالم، وقبله مرحلة القلق من الركود او الكساد على وقع الحروب التجارية بين الدول الكبرى، التي تدفع الاقتصاد العالمي الى منزلقات خطيرة. فإذا كانت هذه صورة المجتمع الدولي واولوياته، فلبنان حتماً ليس ضمنها، وهنا تقتضي المصارحة بأنّ المجتمع الدولي وما بعد «كورونا»، صار اقل استعداداً لأن يكون سخياً تجاه لبنان. من هنا، وطالما انّ ليس امام لبنان سوى صندوق النقد، فعليه بالتأكيد ان يتوقع شروطاً قاسية من الصندوق».
عين التينة: علاج سريع
وعكست مصادر عين التينة ترقباً للمبادرات الحكومية لتوفير الأمان الاجتماعي للمواطنين، مشيرة الى انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرى انّ ما بلغه الوضع لم يعد يحتمل أيّ تأخير، بل صار من الضروري والملحّ الذهاب وبلا اي إبطاء الى العلاجات السريعة والفورية. ويأتي في مقدمة ذلك، المسارعة الى اتخاذ كل ما يلزم لحماية العملة الوطنية، بالتوازي مع حماية ودائع اللبنانيين، ووقف الجريمة التي تُرتكب بحق الليرة، عبر اجراءات قاسية ورادعة بحق المتلاعبين.
وحول المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، املت المصادر ان تحقق ما يتوخّاه لبنان منها، الّا انّها لفتت الى انّ الضرورة امام استحقاق المفاوضات تحتّم توفير حصانة داخلية للمفاوض اللبناني، رافضة في الوقت نفسه اي شروط تُملى على لبنان، من شأنها ان تمسّ سيادته وقراره.
«حزب الله»
في السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة على اجواء «حزب الله»، لـ»الجمهورية»: «انّ الحزب، وعلى الرغم من الليونة التي ابداها حيال التفاوض بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، الّا انّه يقارب التعاطي مع الصندوق بحذر شديد وخشية كبرى من ان تُنصب الافخاخ امام المفاوض اللبناني».
واشارت المصادر، الى انّ «حزب الله» لا يتوقع ان يتعاطى صندوق النقد في المفاوضات بمهنية مع لبنان، وثمة مؤشرات عكسها شينكر في الايام الاخيرة، وتؤكّد انّ الصندوق سيسعى الى فرض شروط على لبنان، ليس فقط شروطاً مالية واقتصادية، بل شروط سياسية، من الصعب على لبنان ان يقبل بها.
ولفتت المصادر الى انّ «حزب الله» يتوقع المهنية من صندوق النقد حيال لبنان، في حالة وحيدة فقط، وهي الّا يمارس الاميركيون ضغوطاً عليه، ويتركوا الامور تسير في المفاوضات في السياق المهني الصرف، وعدم إدخال العامل السياسي فيها، ولا يبدو انّ الاميركيين سيتركون صندوق النقد يعمل بمهنية، لا مع لبنان ولا مع غير لبنان».
المصدر: الجمهورية