“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
على الرغم من استقرار مشهد الأزمات في الشارع، وفي مقدّمها أزمة المحروقات التي تُنذر بإعادة إشعال هذا الشارع مجدّداً، فإن مصادر نيابية مطّلعة، لا تزال تنظر بإيجابية إلى التحوّل السريع الذي أحدثته عملية تشكيل الحكومة، والذي نجح في مرحلة أولى في فرملة الإنهيار المتسارع وفي تراجع سعر الدولار في السوق السوداء، وفرض تغييراً في المقاربات السياسية الداخلية والخارجية مع الأزمات، ممّا استدعى المزيد من الدعم الدولي للحكومة في المرحلة المقبلة.
وعلى الرغم من علامات الإستفهام التي لا تزال مطروحة بقوة، حول المسار الذي سوف تسلكه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وقدرتها على تخطّي المطبّات التي بدأت ترتسم أمامها على أكثر من صعيد، فإن هذه المصادر، تؤكد بأن ما بعد جلسة الثقة النيابية لن يكون كما قبلها، ذلك أن واقعاً سياسياً مختلفاً سوف يسود، ومعه واقعاً حكومياً تستهلّ فيه الحكومة برنامجها لتنفيذ وعودها من خلال إجراءات متدرّجة بحسب الأولويات التي وضعها الرئيس ميقاتي، والتي تنطلق مع الإتفاق على برنامج خاص مع صندوق النقد الدولي، وفي مهلة لا تتجاوز الأسابيع المعدودة، خصوصاً وأن رئيس الحكومة كان قد التقى ممثلين عن الصندوق خلال الأسبوع الماضي في محاولة لاستشراف المرحلة والأولويات المالية والإصلاحات المطلوبة في قطاع الكهرباء أولاً، ثم في القطاعات الإقتصادية الأخرى، تمهيداً لاستعادة نشاط هذه القطاعات.
وإذا كانت الحكومة قد ألزمت نفسها، ومن خلال بيانها الوزاري، بتحمّل المسؤولية الإنقاذية، فإن التزامات أخرى تبقى مطلوبةً من القوى السياسية المشاركة في الحكومة عبر ممثّلين مباشرين أو شخصيات مقرّبة منهم، وأبرزها تأمين الإستقرار العام وعدم الإنخراط في أية عمليات تصعيد سياسية تندرج في سياق تصفية الحسابات، والتي ستنعكس حُكماً على طاولة مجلس الوزراء، وتُعيد إقامة المتاريس السياسية وعرقلة كل الخطط الإصلاحية والإنقاذية. ومن ضمن هذا السياق، أبدت المصادر النيابية، تخوفاً من أن تُبادر أطراف سياسية إلى افتعال العقبات أمام الحكومة بغية دفعها إلى تغيير مسارها، وهو ما يستدعي في المقابل من المعنيين، إثبات نواياهم المُعلنة بشكل ميداني وعملي وليس كلامي فقط، والتعامل مع المشاكل والعراقيل من خلال رؤية موحّدة وواقعية وموضوعية تضمن نجاحها رغم المناخات السلبية التي تتكوّن في المشهد العام بفعل الإشتباكات الكلامية الأخيرة. ولذا، أضافت المصادر، فإن الإستحقاقات الداهمة أمام الحكومة، والتي بدأت مع الإعلان عن تأليفها، مرشّحة لأن تتفاقم، خصوصاً وأن ما من تحسّن قد طرأ على الأزمتين الرئيسيتين، وهما العملة الوطنية والمحروقات، وبالتالي، قطاع الكهرباء الذي يهدّد كل القطاعات، وذلك تزامناً مع استحقاق رفع الدعم ولو تأخر تنفيذه وجرى ترحيله لمرحلة لاحقة كما حصل بالنسبة لدعم استيراد البنزين. وخلصت المصادر نفسها، إلى أن الحكومة ستمثل أمام المجلس النيابي في جلسة مناقشة البيان الوزاري الذي سيتضمن كل هذه الإستحقاقات، وسوف تفوز بثقة هذا المجلس، ولكن لن تبقى بمنأى عن المداخلات النيابية العالية السقف، والتي ستعرض مسلسل الأزمات، كما الحلول التي تقترحها لمواجهتها وتلوّح بالمحاسبة والرقابة عند كل انعطافة أو محطة هامة. |